اولاً- قبيلة طيء: وتلفظ طي لأن العرب لا تهمز، وتحيط هذه القبيلة بالقامشلي من جميع الجهات، خاصة ان زعماء القبيلة يعتبرون القامشلي جزءاً من ديرة طيء، وجزءاً حميمياً منها، وهذا موضع اعتراف من الجميع.
تتكون هذه القبيلة من مجموعة من العشائر المتحالفة معها، وهذا ينطبق على غالبية قبائل الجزيرة، بحيث يمكن القول بدقة إن القبيلة هي حلف سياسي. وهذه العشائر هي طيء الاصلية المكونة من مجموعة من الأفخاذ (العساف والحريث واليسار) وعشائر الجوالة والبني سبعة وحرب والراشد والبوعاصي والغنامة والمعامرة والشرايين. وتمتد هذه القبيلة حتى شمال الموصل داخل الاراضي العراقية ومنذ زمن بعيد كما يذكر حنا بطاطو، وتمتد داخل الاراضي السورية عبر سهل رسوبي تزيد مساحته على أكثر من 6000 كلم مربع ويزيد عدد سكانها على 200 ألف نسمة.
وتذكر المصادر التاريخية، القديمة منها والحديثة، وأشير من الحديثة منها الى اطروحة الاميركي ولتر كيفي عن "بيزنطة والفتوحات الاسلامية المبكرة، 2003" ان طيء بقيادة الصحابي عياض بن غنم الفهري تمكنت في عام 17 للهجرة من فتح الجزيرة ومدنها (ماردين ودياربكر) وتمكنت من طرد هرقل الى شمال أنقرة. ويذهب ابن العمري في "مسالك الابصار في ممالك الامصار" الذي حققته المستشرقة الالمانية دوريتا كرافولسكي، الى وصف المعارك الشرسة التي خاضتها طيء عند قبر الصحابي خالد بن الوليد ضد المغول والتي انتصرت فيها عليهم.
على طول مسارها في تاريخ سوريا الحديثة، لعبت هذه القبيلة دوراً وطنيا، وشارك زعماؤها في الحياة السياسية السورية. وقد بيّنت الاحداث الاخيرة في القامشلي الدور الوطني لهذه القبيلة. فكانت مع ما يجاورها من قبائل، طرفاً اساسياً في المعادلة السياسية وفي صوغ لحمة الوطن. وهذا ما أكده زعيمها الحالي الشيخ محمد الفارس الذي كان عضواً في مجلس الشعب السوري، والذي يتحلى بكثير من الكياسة والرؤية السياسية لمستقبل المنطقة ومستقبل الدولة معاً. فثمة مخاوف حقيقية تحكم السلوك السياسي لابناء القبائل وشيوخها، من النموذج العراقي الذي غابت عنه الدولة، فأصبح المجتمع نهباً للدمار والموت، وهذا ما يفسر وقوف هذه القبائل والعشائر الى جانب الدولة في سعيها الى إقرار الامن في تلك المناطق، وذلك على الرغم من الحيف الذي لحق بهم، عندما كان الاكراد حلفاء السلطة، وعلى عكس عرب المنطقة الذين اتهموا بأن لهم ميولاً عراقية وصدامية؟
ثانياً- شمّر: وهي من القبائل العربية الكبرى يمتد نفوذها، من نجد وامارة حائل في السعودية، الى الجزيرة السورية، مروراً بالعراق حيث حضورها الكبير، وبخاصة في اواسط القرن التاسع عشر، حيث تذكّر الليدي بلنت الانكليزية، التي زارت مضارب القبيلة على الفرات الاوسط، ان المجال الحيوي للقبيلة يمتد حتى طهران.
وهناك إقرار علني عند غالبية الباحثين ان شمّر فرع من طيء ولكنها الفرع الذي أصبح اصلاً بذاته، ويتوزع الشمّريون داخل الحدود السورية على مئات القرى، ابتداء من الحدود العراقية حتى القسم الشمالي من محافظة الحسكة. ولكنهم يشعرون بأن حيفاً تاريخياً أحاق بهم بعد اتفاقية سايكس - بيكو التي قطعت اوصال القبيلة، فباتت شمّر في سوريا، أقل تعداداً من حيث السكان من القبائل المجاورة لها كطيء مثلاً. ولكن هذا لم يمنعها من لعب دور وطني، كان الشيخ دهّام الهادي عنواناً له. فقد شارك في الحياة السياسية السورية وانتخب عضواً في البرلمان السوري، ورفض الانضمام الى المحاولات الرامية في النصف الاول من القرن العشرين الى تقسيم سوريا. وقد سعى من خلفه في مشيخة القبيلة وأقصد ابنه الشيخ حميدي دهّام الهادي الجربا الى لعب دور سياسي ولكنه تعثر على مرمى الجدار الراديكالي للسلطة، فسعى الى بناء تحالفات سياسية وبالاخص مع الاكراد، وفي مقدمهم الزعيم الكردي مسعود البارزاني.
ثالثاً- عشيرة الجبّور: وهي من طيء وهي كسابقاتها مبدأ تنظيمي وحلف سياسي، وتمتد هذه القبيلة على مساحة جغرافية توازي مساحة قبيلة طيء، كما تزيد عليها في عدد سكانها. وتمتد من جنوب غرب مدينة القامشلي الى مدينة الحسكة التي تحيط بها من جميع الجهات. اضف الى ذلك امتداداتها داخل الاراضي العراقية الى جنوب الموصل وشمال بغداد. وقد كان شيوخ هذه القبيلة هم الحكام الفعليون لمدينة الحسكة. وقد لعب الشيخ المرحوم عبد العزيز المسلط دوراً كبيراً في هذا المجال، ودوراً مهماً في الحياة السياسية السورية، لكونه معارضاً للنظام في سوريا، فنفي الى خارج البلاد لمدة طويلة. ويشغل ابنه الآن منصب شيخ القبيلة في حين يمثلها في مجلس الشعب الحالي ابن أخيه المدعو محمد أحمد المسلط.
رابعاً- عشيرة عدوان: وهي من طيء وهي من القبائل الصغيرة، ويبلغ عددها ما يقارب 12 ألف نسمة، وتسكن في غرب مدينة رأس العين وجنوبها. وتتواجد بكثافة في مدينة رأس العين، ويرأسها الشيخ حلو محمد الحلو، وقد لعبت دوراً في الاحداث الاخيرة التي عاشتها سوريا، في سعيها الى فرض الانضباط والهدوء على مدينة رأس العين، وقدمت على مذبح تلك الاحداث اثنين من وجهائها؟